رئيس الوزراء يدعو إلى انتهاج مسار أكثر استدامة لتوظيف المساعدات الإنسانية بالشراكة مع مؤسسات الدولة (موسع)

دعا رئيس مجلس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، أشقاء وأصدقاء اليمن وشركاء الحكومة في العمل الإنساني إلى وضع دعم الاستقرار الاقتصادي على رأس أولوياتهم، وأهمية انتهاج مسار أكثر استدامة في توظيف المساعدات الإنسانية وذلك بالشراكة مع مؤسسات الدولة.
وأكد رئيس الوزراء أن الدعم الإنساني الذي قدمه المانحون خلال الأعوام الماضية مثل نافذة أمل لليمنيين عامة، ووفرت الأموال التي تم رصدها مساعدات منقذة للحياة في مختلف مناطق اليمن، وضمان الحد الأدنى من الأمن الغذائي، وعدم انزلاق البلد إلى مجاعة كارثية، معرباً عن تطلعه إلى استمرار وزيادة ذلك لأن أي تقليص لبرامج الدعم الحيوية سيضاعف من الضغوط والتحديات على المواطن اليمني.
جاء ذلك خلال كلمة رئيس الوزراء اليوم في الحدث رفيع المستوى الذي تستضيفه الأمم المتحدة والسويد وسويسرا لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية لليمن 2022م، بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، ورئيس الاتحاد السويسري وزير الخارجية اجنازيو كاسيس، ووزيرة خارجية مملكة السويد آن ليند لي، ووزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن.
وأوضح الدكتور معين عبدالملك، أن المؤتمر السادس عالي المستوى لتمويل خطط الاستجابة الإنسانية في اليمن هذا العام يأتي في ظروف دولية بالغة التعقيد، بدأت تداعياتها تعصف بالعالم بشكل واضح خاصة في تنامي الأزمات الإنسانية حول العالم، ووضع حرج للأمن الغذائي وأسعار وإمدادات الوقود والنقل عالميا، مشيراً إلى أن وقع ذلك على اليمن سيكون أشد وطأة، حيث يواجه اليمنيون وبعد سبع سنوات من الحرب ظروفاً معقدة تفوق قدراتهم لتجاوزها، ونفاد قدراتهم المادية ومدخراتهم للصمود، ويعانون أساساً من أزمة اقتصادية خانقة سحقت قدراتهم الشرائية، وارتفعت معها مستويات الفقر والأزمة الإنسانية.
وقال "إننا في هذا المؤتمر وأعتقد أنكم تتفقون معي ليس لمجرد إلقاء الخطابات واستعراض الأرقام الكارثية لمأساة شعب فرضت عليه الحرب من قبل مليشيا انقلابية مسلحة وبدعم خارجي، بل لنختبر إنسانيتنا ونبرهن على تضامننا وإيصال رسالة طمأنة للشعب اليمني أن الأشقاء والأصدقاء من الدول والمنظمات المانحة وشركاءنا لن يخذلوه".
وأشار رئيس الوزراء إلى أن تقييم الحكومة لجهود الأعمال الإغاثية والإنسانية كان وما زال إيجابياً، رغم وجود جوانب قصور واختلالات كثيرة ينبغي إصلاحها، وأهمية انتهاج مسار أكثر استدامة في توظيف المساعدات الإنسانية، وذلك بالشراكة مع مؤسسات الدولة، مؤكداً أن الحكومة حريصة على هذه الشراكة وانفتاحها للعمل مع الشركاء من المانحين والمنظمات الدولية، ليس فقط كمستفيدين من المساعدات، ولكن أيضا كشركاء في التخطيط والتنفيذ والتقييم والرقابة، ومنع إهدار المساعدات أو نهبها أو حرفها عن مسارها من قبل مليشيا الحوثي وضمان وصولها لمستحقيها.
ودعا الأشقاء والأصدقاء وشركاء العمل الإنساني أن يضعوا دعم الاستقرار الاقتصادي على رأس أولوياتهم، وقال "لا يخفى عليكم أن ارتفاع مستويات الفقر وزيادة فاتورة البرامج الإنسانية عن الأعوام السابقة يرجع بشكل أساس إلى تراجع قيمة العملة وارتفاع التضخم، و الأموال التي قدمتموها خلال الأعوام الماضية كان يمكن أن يكون لها أثر ونتائج أكبر في معالجة الأزمة الإنسانية، من خلال وضع آليات تساهم بها هذه التعهدات في تعزيز وحماية الاقتصاد، وهي مطالب نكررها بوضوح واستمرار، وإحدى هذه الآليات هي مصارفة الأموال المقدمة من المانحين للعمل الإغاثي في اليمن عبر البنك المركزي اليمني للحفاظ على قيمة العملة مع ضمان أعلى مستويات الشفافية لكل الإجراءات المصاحبة".
وأعرب الدكتور معين عبدالملك، عن تطلعه بدعم المانحين إلى نهج مسار أكثر جرأة هذا العام لإعادة صرف مرتبات قطاعات خدمية مهمة مثل الصحة والتعليم وغيرها من القطاعات إضافة للمتقاعدين، وقال "قد يكون لدعم إعادة تصدير اليمن للغاز الطبيعي المسال دور كبير في ذلك، وبما يعزز الاستقرار النقدي والمالي وانعكاس ذلك على كل اليمنيين، ومستعدون للعمل بكل شفافية للشراكة في تعزيز التنمية وصرف المرتبات بشكل عادل إضافة لدعم احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي".
واستعرض رئيس الوزراء الجهود التي بذلتها الحكومة منذ مطلع العام الماضي في مسار الإصلاحات خاصة في البنك المركزي وفي المالية العامة للدولة بدعم من فخامة رئيس الجمهورية، موضحاً أن هذه الإصلاحات ساهمت بكبح تراجع العملة الوطنية واستعادتها لما يُقارب ٣٠ بالمائة من قيمتها، وتخفيض مستوى التضخم في أسعار المواد الأساسية. وأضاف "كما حققت هذه الإصلاحات ارتفاعاً في الإيرادات بواقع ٤٧ بالمائة وتخفيض عجز الموازنة إلى ٣٠ بالمائة في عام ٢٠٢١، بعد أن تجاوز ٥٤ بالمائة في العام ٢٠٢٠، وهي إصلاحات زادت من ثقة المواطن والقطاع التجاري والمجتمع الدولي بمؤسسات الدولة".
وأكد أنه لكي يصمد مسار هذه الإصلاحات ويكون لها أثر في تحسين معيشة المواطنين وتخفيف الأزمة الإنسانية لا بد من دعم دولي لها، والدعم الاقتصادي المرافق هو أمر أكثر إلحاحاً وأشد ضرورة في ظل الأزمة العالمية القائمة، منوهاً بالأثر الملموس لمنحة المشتقات النفطية من الأشقاء في المملكة العربية السعودية في استقرار الخدمات وتخفيف أعباء المالية العامة.
وجدد الدكتور معين عبدالملك، التأكيد على أن الحل للأزمة الإنسانية يكمن في إيقاف الحرب والانتقال إلى مسار سياسي شامل للسلام، لافتاً إلى أن آثار الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي كارثية في كل المستويات، والتقييمات الدولية تتحدث عن ثلث مليون مواطن فقدوا حياتهم بشكل مباشر أو غير مباشر، و ١٧ مليوناً يفتقرون للأمن الغذائي، وخسائر اقتصادية تتجاوز ١٢٦ مليار دولار.
وأشار إلى أن العام الماضي شهد زخماً دولياً في اتجاه إيقاف مسار العنف والانتقال الى عملية سياسية شاملة، عبر مبادرات مختلفة، كانت الحكومة داعمة لها وبحرص من فخامة الرئيس على إنهاء المعاناة الإنسانية، لكنها جميعاً اصطدمت بتعنت ورفض مليشيا الحوثي الإرهابية، واستمرارها بتأجيج العنف داخليا وتهديد الجوار وممرات التجارة الدولية.
وأكد رئيس الوزراء أن الطريق إلى السلام في اليمن معروف جيداً ومتاح ولا خلاف عليه ويحظى بإجماع إقليمي ودولي غير مسبوق في تاريخ الأزمات والحروب، مشيراً إلى أن هذا الإجماع تجدد في قرار مجلس الأمن 2624 الصادر مؤخراً، وكل ما نحتاج إليه هو موقف دولي داعم حازم لإنفاذ ذلك.
من جانبه، ناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، جميع المانحين خلال مؤتمر التعهدات من أجل اليمن "أن يسهموا بسخاء" لانتشال الملايين من الفقر والعوز والجوع والمرض، لافتاً إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية ستتضمن برامج منسقة بشكل جيد للوصول إلى 17.3 مليون شخص بمساعدة قدرها 4.27 مليارات دولار.
وحث جميع المانحين على تمويل النداء بالكامل والالتزام بصرف الأموال بسرعة، مشيراً إلى أنه يجب من منطلق المسؤولية الأخلاقية وكرم الإنسان ورحمته بأخيه الإنسان وبوازع التضامن الدولي ولكون الأمر مسألة حياة أو موت، أن ندعم الشعب اليمني الآن.
بدوره، أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، عن تقديم الولايات المتحدة ما يقرب من 585 مليون دولار من المساعدات الإنسانية إلى الشعب اليمني.
وأوضح بلينكن، في كلمة افتراضية خلال الفعالية أنه بهذا التمويل قدمت الولايات المتحدة ما يقرب من 4.5 مليارات دولار للشعب اليمني منذ أن بدأت الأزمة قبل أكثر من سبع سنوات، مشيراً إلى أن المساعدة تشمل أكثر من 561 مليون دولار من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) وأكثر من 23 مليون دولار من مكتب السكان واللاجئين والهجرة (PRM) التابع لوزارة الخارجية.
وأضاف أن هذا التمويل سيمكن الشركاء في المجال الإنساني من الوصول إلى ما يقرب من 17 مليون شخص، بما في ذلك اليمنيون النازحون داخليًا والمتضررون من النزاع، فضلاً عن اللاجئين وطالبي اللجوء في اليمن، وسيساعد في الحد من مخاطر المجاعة، ومنع سوء التغذية الحاد وعلاجه، ووقف انتشار الأمراض، وتوفير المأوى للمحتاجين، وضمان حصول الأطفال على التعليم، وتزويد الأسر بإمكانية الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي، ودعم العائلات لكسب المال.
ورحب بلينكن بإطلاق المشاورات الشاملة من قبل المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانز غرونبرغ، داعياً جميع الأطراف إلى المشاركة الكاملة في هذه المشاورات والتي ستشكل إطارًا جديدًا وشاملًا للأمم المتحدة لعملية السلام.
وأعرب بلينكن عن إدانته للهجمات المتصاعدة للحوثيين، بما في ذلك الهجمات عبر الحدود في يناير التي أودت بحياة مدنيين في الإمارات، وخلفت جرحى مدنيين في المملكة العربية السعودية، مؤكداً أن بلاده تواصل العمل للمساعدة في تعزيز الدفاع عن شركائها السعوديين والإماراتيين.
إلى ذلك، تعهدت المفوضية الأوروبية خلال الحدث بتقديم 154 مليون يورو (169 مليون دولار) لدعم المحتاجين في اليمن خلال العام الجاري.
وأوضحت المفوضية الأوروبية في بيان لها أن إجمالي تعهدات الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء لليمن خلال المؤتمر فاقت ال371 مليون يورو (408 ملايين دولار) ما يدل على الالتزام القوي تجاه أزمته.
وأكد مفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات جانيز ليناريتش مواصلة الاتحاد الوقوف إلى جانب اليمن "والدفاع عن إنسانية قائمة على المبادئ".
وقال الاتحاد الأوروبي في البيان "لا يزال الوضع الإنساني في اليمن يتدهور بعد 7 سنوات من الصراع حيث يحتاج أكثر من 20 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية كما تتفاقم حالة انعدام الأمن الغذائي بالإضافة إلى حاجة أكثر من 8 ملايين طفل للتعليم".